( Keep the running water under the bridge )
حينما تقرأ هذه الكلمات ، سأكون أنا واقفا أمام جسده مصليا صلوات التجنيز ، مودعا رجلا من أعز الرجال .
هو الكندى ( والقبطى ) المحارب القديم :
Mr . Elmer William Cavers ,
عرفته منذ عشرة أعوام ، كان وقتها فى الثمانين من عمرة ، فهو مولود فى 26 مارس 1922 ، ونال بركة المعمودية المقدسة فى 17 أغسطس 2002 ، حينما كان فى الثمانين من عمره .
زوجته من أصل مصرى ، وقد عاشا فى زمن لم تكن الكنيسة قد تأسست بعد فى بلاد المهجر ، وحينما كانت هناك الكنيسة ، قدر لهما أن يتنقلا فى أماكن بعيدة عن مكان الكنيسة إلى أن إستقرا فى جزيرة فانكوفر فى مدينة " بورت ألبرنى " والتى تبعد أكثر من آربعة ساعات مسافة تقطعها السيارة والعبارة البحرية ، إلى مكان الكنيسة فى فانكوفر .
كان إصرار الرجل وزوجته على العودة إلى الكنيسة شديدا جدا ، رغم بعد المسافة وكبر عمريهما ، وكم كان وقتا ممتعا هذا الذى قضيته معهما للتأكد من إيمانهما حتى ينضما إلى الكنيسة ، وحتى ينال هو سر المعمودية ، وكم تجسد هذا الإيمان حينما أشفقت أنا عليه من النزول إلى جرن المعمودية ، وطلبت منه لو أمكن أن نستخدم حوضا خارجيا يقف هو فيه وأقوم أنا بسكب الماء على رأسه ، لقد خشيت أن يسقط الرجل المسن فى جرن المعمودية العميق ويتعرض بسهولة للكسور ، أما هو فأصر أن ينال بركة المعمودية بطقسها كما تعلمه وكما فهمه فى دراسته للطقس ومن قراءاته عنه ، وفاجأنى وقفز فى داخل الجرن كما لو كان شابا فى العشرين من عمره . !!
قضينا أوقاتا ممتعة فى دراسة كلمة الله ، وحينما زرته مؤخرا لتقديم سر الإفخارستيا له بعد أن عجز عن الحضور وقد إعتلت صحته جدا ، وجدته على فراشه وقد ألم به الضعف والوهن جدا ، وتسجيلا لقداس البابا كيرلس فوق رأسه ، أخبرتنى زوجته أنه يستمع إليه 24 ساعة فى اليوم مستيقظا كان أو نائم ، وكم تعجبت ، إذ أن القداس باللغة العربية والقبطية اللتان لا يتكلمهما الرجل ولا يفهم إيا منها !!
كان الرجل لطيفا بشوشا ، يتمتع بسلام هاديء عجيب ، لقد تربى ونشأ فى بيئه وجو هاديء فى زمن لا يعرف الهموم الحالية التى يحملها أبناء الأجيال الحديثة ، ورغم أنه كان رجلا عسكريا ذو رتبة عالية فى الجيش الكندى وشارك فى الحرب العالمية الثانية مع قوات حفظ السلام ، ولكنه كان ذو طبيعة رقيقة حساسة ، ولعل قوله المشهور عنه : ( دع المياه الجارية تحت الكوبرى ) يعبر عن سلامه الداخلى ، فهو فى مكانه فوق الكوبرى والمياه تجرى فى مكانها الطبيعى تحت الكوبرى ، وهو لا يسمح للحال أن ينقلب فتكون المياه فوق رأسه أعلى الكوبرى ، إنه يعبر عن إستقرار نفسه الداخلى وثبات سلامه . وكم من مرات كان يكرر القول : دع المياه الجارية تحت الكوبرى .
لقد إختار إسم " جورج " لمعموديته ، فمارجرجس جندى محارب أيضا ، وكان فرحا جدا بهذا الإسم ويعتز به ، وكان لكنيسة مارجرجس بفانكوفر مكانة كبيرة فى قلبه الطيب الحلو ..
سيكون هناك مندوبا عسكريا عن الجيش الكندى حاضرا ليقدم لجثمانه الطاهر التحية العسكرية حسبما تقضى المراسيم العسكرية ، وسيدفن فى مقابر المحاربين القدامى ملفوفا فى العلم الكندى ، وسأكون أنا حاضرا مندوبا عن جيش السماء لأصلى وأطلب له النياح وأقر بأنه جاهد قانونيا ، فهو محارب من طراز روحانى أيضا ، فقد حارب ضد قوات الشر وغلب العالم وجاهد فى سن الشيخوخة ليلحق بركب الأبكار ، وستكون روحه محاطة بالسمائيين وبالثوب النقى الذى قبله فى المعمودية مقابل العلم الذى يلف جسده ، فلن يكون موطنه السماوى أقل وفاءا عن موطنه الأرضى ، ولن تكافئه السماء بأقل من تقدير كندا له ..
نم ياعزيزى الشيخ الوقور هانئا فرحا ، لقد ربحت الملكوت ، وكم للملكوت من أسرار ، من كل الشعوب ، من كل القبائل ، من كل لسان ، فيسوع المسيح ربنا يدعو إلى ملكوته من كل بقاع الأرض ، فهو مسيح العالم كله ، ليتنا نغار غيرة روحيه ، ونلحق بمن سبقونا ، وما كنا نظن أن يسبقونا ، فنحن دائما نفتخر بأننا أبناء كنيسة مجيدة ، وهى بحق كنيسة مجيدة ، ولكننا لا نتكل على كونها مجيدة ، بل ، ليتنا نجاهد جهاد المحاربين لنستحق أن نكون أبنائها وبناتها بحق ..
نعم ، كم للملكوت من أسرار ، فكما كان رويس الشاب الصغير إبنا للملكوت ، كان إيلمر وليم " جورج " الشيخ الغريب الجنس أيضا إبنا للملكوت ، كم أنت حلو ياربى يسوع ، وكم أحبك ...
( الصورة لمعمودية " جورج " إيلمر وليم كافرز ، فى 17 أغسطس 2002 بكنيسة مارجرجس بفانكوفر ،
والسيدة فايزه كافرز زوجته تقف بجواره ) .
نقلا عن
Peniot Bisenty Gerges
وكم فى ملكوت الله من اسرار هناك محتقرين فى اعين الناس ولكن قديسين فى اعين الرب
الرب يعطينا توبه ونقاوة حقيقية حتى نستطيع ان نعاين ملكوته حيث الابرار والقديسين
اذكرونى فى صلوتكم