كتبها د. ياسر يوسف غبريال الاثنين, 12 يوليو 2010 09:42
نشر موقع الاقباط المتحدون خبرا نقلا عن جريدة الطريق والحق البروتستانتية وكان مفاد الخبر هو وريقة من مجلة قديمة تقول ان اعضاء المجلس الملى فى الدورة التى شهدت اصدار لائحة 1938 منهم الارشيدياكون حبيب جرجس واستنتجت الطريق والحق انه بالتالى يكون حبيب جرجس قد اشترك فى وضع هذه اللائحة المخالفة لتعاليم الكنيسة واكملت الخبر ان اللائحة صدرت فى عهد البابا يؤانس التاسع عشر والذى كان رجلا عظيما..
اولا طريقة كتابة الخبر توحى بان الامر مجرد البحث عن موضوع مثير او خبر لقطة .. وكاتبة الخبر هى الصحفية مريم مسعد صادق ابنة الصحفى الراحل مسعد صادق والذى كان يكتب فى موضوعات تاريخية فى جريدة وطنى وتقوم ابنته بالاعتماد على تراثه ولكن بطريقة انتقائية ..ما علينا اولا كتابة الخبر بهذ الطريقة خطأ لانه مبنى على الاستنتاج وليس على التحقق وهناك مصادر كثيرة تكلمت عن لائحة 38 ومصادر اكثر تكلمت عن استاذنا حبيب جرجس والذى كانت مواقفه معروفه للكل.. فقد كان الرجل اشد ما يكون تمسكا بكل تعاليم الانجيل وكان الافندى الوحيد وسط البكوات والبشوات فى المجلس الملى ولكنه كان اكثرهم حبا للكنيسة وتمسكا بتعاليمها .. وكان مسئولا عن لجنة الاحوال الشخصية بالمجلس وكان متشددا جدا فى موضوع الطلاق مطبقا تعاليم الانجيل التى تقضى بانه لا طلاق الا لعلة الزنا .. وهذا ليس كلاما مرسلا مثلما نشرت جريدة الطريق والحق ولكنه موثق بكلام حبيب جرجس الذى نتنيح عام 1951 ومازال العديد من تلاميذه ومعاصريه بيننا ولعل اشهر تلميذ له على الاطلاق هو قداسة البابا شنودة الثالث ..
وقبل ان نخوض فى موقف حبيب جرجس من الطلاق .. لابد ان اذكر ان الموقع نقل الخبر عن الجريدة دون تعليق منه او استشارة متخصص فى التاريخ لعرض وجهة نظر اخرى لمعرفة هل هذا الخبر الذى قالوا انه مفاجأة صحيحا ام خطأ مقصود او غير مقصود .. وتم ترك الخبر للتعليق وكان بمثابة القشة التى تعلق بها التيار الذى يعادى الكنيسة فى كل مواقفها ويدخل تحت اسماء مستعارة او اسماء حقيقة ولكنه يجد ضالته فى خبر هنا او هناك دون تحقيق او تدقيق وكانت التعليقات اغلبها هجوما على الكنيسة وعلى قداسة البابا وقالوا مادام حبيب جرجس موافق يبقى لازمن كلنا نوافق .. يا سبحان الله هؤلاء هم انفسهم من يقولوا ان رأى البابا المستند على الانجيل غير ملزم لهم .. الأن يرون ان حبيب جرجس فوق النقد .. هذا لو كان المعلم الاول فى جيلنا قد شارك فعلا فى لائحة 38 وهو مالم يحدث طبعا ..
ودون ان يدقق احد فى الخبر بدأت الاتهامات الجاهزة ومظاهر النصر العارمة وهذا يثبت ضعف موقف اخوتنا العلمانيين الذين وضعوا انفسهم فى مواجهة الكنيسة حتى ولو حاولوا شخصنة الصراع وقالوا نحن ضد البابا وتفسيره للانجيل ..وانبرى معلق شهير وقال طول عمر الكنيسة فيها طلاق .. وتقريبا الاخ ده طول عمره ما قرا تاريخ الكنيسة .. ورغم كل ما نشر من قوانين للاباء وحكايات تثبت انه لاطلاق الا لعلة الزنا لكن تقول لمين .. ناس مستحكة اذانهم .. واللى يقولك يعنى كل الناس دى مش بتفهم وكلام سخيف لا يحمل اى قدر من الفكر او الهدف سوى الهجوم على الكنيسة ..لا اعلم لماذا جاء فى بالى صورة الرجل الذى بنى بيته على رمل .. هكذا اخوتنا العلمانيين يبنون منطقهم على اساسات هاوية تحتاج فقط لقليل من الريح لتنهار .. وكأن هؤلاء العلمانيين غرقى يبحثون عن شىء يمسكوا فيه فوجدوا قشة حبيب جرجس ولكنه احب اقولهم دى لا قشة ولا غيره .. لان حبيب جرجس كان من اشد المعارضين للطلاق الا لعلة الزنا وتعالوا بينا فى رحلة فى فكر الاستاذ والمعلم الاول حبيب جرجس
= فى كتابه القيم الوسائل العملية للاصلاحات القبطية والذى كانت طبعته الاولى عام 1943 يقول استاذنا حبيب جرجس فى صفحات 68الى 70 وتحت عنوان احترام قدسية ناموس الزواج الذى سنه الله منذ البدء ورفعه يسوع المسيح الى مقام السر ولم يبح الطلاق الا لعلة واحدة ويقول ان عقد الزواج عقد ابدى فلا يقبل الانفكاك ولا ينحل الا فى حالتين الاولى وهى الموت حكما وتقديرا والثانية للعلة التى تدنس السر ( علة الزنا ) اظن الكلام واضح جدا وصريح جدا ولا يحمل اى لف او دوران او اى سبب من العشر حالات التى اباحت فيها لائحة 38 الطلاق وخلتها سبهللة
=وقبل هذا الكتاب ولما تعب حبيب جرجس مما يجرى بين اعضاء المجلس من البشوات عقد لجنة واصدر بيانا باسم ( هل من طلاق فى المسيحية ) رفعه لقداسة البابا الانبا يؤانس فى مارس 1941 اكد فيه على قدسية السر وعدم انحلاله الا لعلة الزنا ووقع معه على البيان 25 كاهنا واساتذة الكلية الاكليريكية ورفعه ايضا للمجلس الملى الذى دوما كان يوجه له الشكر ولا يفعل شيئا ..!!والكلام ده حصل بعد لايحة 38 بحوالى 3 سنوات .. يبقى ازاى حبيب جرجس كان موافق ؟؟
=وقبل هذا وذاك فى كتاب حبيب جرجس الاشهر اسرار الكنيسة السبعة وفى باب سر الزواج ( صفحات 200-207) نجده يردد نفس الكلام ويؤكد عليه ..
=وفى كتابه الجميل الذى طبع اكثر من عشرين مرة وكانت طبعته الاولى عام 1948وهو الصخرة الارثوذكسية وهو ردود على اسئلة كانت توجه له فى رحلاته الكرازية فى بر مصر عام 1900 ويقول حبيب جرجس بالحرف الواحد فى صفخة 62 جملة واحدة لا تحتاج لتعليق :توجد علة واحدة بموجبها تقضى الكنيسة بحل رباط الزيجة وهى علة الزنا ... طيب عاوزين ايه كمان عشان تعرفوا موقف حبيب جرجس ..
يبقى كدة حبيب جرجس بيقول لا طلاق الا لعلة الزنا سنة 1900 , 1941, 1943 ,1948 وطبعا فى عظاته ومقالاته ومواقفه كان يؤكد على هذا المبدأ انه لا طلاق الا لعلة الزنا ..
وفى نفس السياق كان التعليق على الخبر سببا ان يفتى البعض ويقول ان البابا شنودة وبس هو اللى قال انه لا طلاق الا لعلة الزنا .. اقول ارجعوا ايضا لتاريخ الكنيسة من القرن الاول ..ارجعوا لمواقف باباوات الاسكندرية من الطلاق .. ارجعوا لقوانين البابا كيرلس الثانى (67) والثالث (75) والبابا غبريال بن تريك (70) والبابا مرقس الثامن (108) الذى اصدر منشورا كنسيا بشأن الذين يطلقون نساءهم لغير علة ويتخذون زوجة اخرى .. اما فى ايامنا هذه فقد اثارت لائحة 1938 جدلا واسعا ورفضا كاملا من الشعب والاكليروس وعقدت عدة مجامع ولجان لرفضها :
مجمع فى مايو 1945 والذى عقده قداسة البابا الانبا مكاريوس الثالث وجاء فيه قصر الطلاق على علة الزنا فقط حسب منطوق الانجيل وان القانون الدينى لابد ان تتفق احكامه مع الكتاب المقدس
وعقدت لجنة مجمعية فى عام 1955 برئاسة الانبا اغابيوس عضو اللجنة البطريركية وقتها والتى رفعت تقريرا الى جمال عبد الناصر لتطبيق منطوق الانجيل فى موضوع الطلاق وكان ذلك بعد الغاء المحاكم الملية ..
اللجنة التى شكلها البابا كيرلس السادس 1962 ورفعت مذكرة لوزير العدل وقتها وكرر طلبه ورفع مذكرة مفصلة اخرى فى اكتوبر 1967 .. وتعد المذكرة الاخيرة ادبا روحيا وقانونيا رائعا ..
ثم اخيرا موقف قداسة البابا شنودة الثالث الذى هو تمسك بالانجيل وتعاليم السيد المسيح وكان ذلك فى قرار رقم 7 لعام 1971
اما حكاية قوانين ولاد العسال وغيره فربما نناقشها فى مقال اخر
الحقيقة بعض الناس عندنا بيتعاملوا مع التاريخ بطريقة الفنانة اللى عملت فيلم امرأة هزت عرش مصر والتى زورت فيه التاريخ لدرجة انها كانت بتنادى على الملك فاروق وتقوله يا روقة .. بعض الاخوة العلمانيين لا يعرفون التاريخ .. او يعرفونه وينكرونه او ينتقون منه ما يريدون دون بحث او فحص ولكن الحق لا يحتاج لاحد لكى يتكلم ويثبت نفسه ..دورنا هو عدم السكوت عن امتهان تاريخنا والافتراء عليه .. وسلملى على روقة ..تعليق : عندما قرأت الخبر على الاقباط متحدون لم أصدق وقلت مش ممكن معلم عظيم مثل الارشيدياكون حبيب جرجس ان يكون سقط مثل هذه السقطة . ونشكر الرب ان الكلام كان مجرد تكهنات واستنتاجات ولكن من يقرأ كتابات الاشيدياكون حبيب جرجس يعرف مدى تمسكه بتعاليم الانجيل المقدس .. فشكرا للدكتور ياسر غيريال على المقال الرائع